أخبار عاجلة

كارود مكرديتشيان

سلسلة ابطال ارتساخ كارود مكرديتشيان بقلم آرا سوفاليان
ارمن كثيرون عاشوا في منطقة الجزيرة السورية من الحسكة إلى القامشلي إلى دير الزور إلى مرقدة والرقة وهو مسار سوقيات الموت، هناك ضاعت بهم السبل ومعظمهم أطفال عاشوا في هذه المناطق بعد أن تم قتل أهلهم، في صورة المصلوبات الأرمن في دير الزور وهي صورة من صورتين التقطهما ضابط ألماني أهداهما للفاتيكان وتم الإفراج عنهما منذ وقت قريب نجد في الصورة الأولى الأمهات على الصلبان واولادهم في الأسفل ينتظرونهم وهم لا يعلمون انه لا عودة بعد هذا الصلب، ووصل الأعراب فحملوا معهم الأطفال وأخذوهم إلى مضاربهم أو إلى قراهم، أما الصورة الثانية فنجد فيها الأمهات اللواتي فارقن الحياة وقد خلت الساحة من الأطفال بعد أن أخذهم الأعراب معهم على الدواب كل إلى منطقته أو قبيلته أو قريته، وكبر هؤلاء الأطفال وعملوا بالزراعة مقابل لقمة العيش وتغيرت أسمائهم الأرمنية وتحولوا إلى الدين الإسلامي وتزوجوا من أهل المنطقة وضاعوا مثل كاس الماء الذي يلقى محتواه على رمال الصحراء الحامية فيضيع …زوجوهم من بنات القبيلة ومع ذلك عيّروهم بأنهم كفّار أولاد كفّار…كان هذا مصير الأطفال الصغار أما الأطفال الكبار الواعون فلقد رفضوا الأسماء الجديدة وعندما وصلوا إلى سن الشباب بحثوا عن أصولهم وتزوجوا من فتيات أرمنيات يتيمات…
 في العام 1978 وصلت بعض الأسر الأرمنية التي تحولت إلى الدين الإسلامي وصلت إلى حلب قادمة من تركيا وتم إيواءهم في النوادي الأرمنية وكانت مطالبهم ان تتم مساعدتهم للوصول إلى أرمينيا السوفياتية آنذاك فلقد وصلوا إلى قمة اليأس بعد أن فشلوا في الانصهار بالأسر التركية واستمر الأتراك في رفضهم واضطهادهم وإطلاق لقب الكفار عليهم ففضلوا الهجرة إلى أرمينيا السوفياتية للعيش هناك والعودة للجذور...ورأيتهم هناك وكنت في زيارة لحلب مع الصديق هراتش جيهيزين وزوهراب وكاربيس واستغربت فقال لي هراتش هذا يتكرر كثيراً هنا، فهناك ارمن مسلمين في تركيا يعانون الأمرّين ويحضرون إلى حلب عندما تسنح الفرصة ونساعدهم للهجرة إلى أرمينيا…وسمعت القصة الكاملة من الأب وهو لا يعرف من الأرمنية حرف واحد، كان يتحدث بالتركية وكانت سيدة من حزب التاشناك تتولى الترجمة إلى الأرمنية، قال الرجل أن أباه وامه اشتروا حياتهم من الأتراك وتحولوا إلى الدين الإسلامي وجاء هو وأخوته إلى الحياة بأسماء تركية وتزوج من فتاة اختارها له والداه وتبين فيما بعد ان أصولها أرمنية وقد اعتنق أهلها الدين الإسلامي واشتروا أرواحهم من الأتراك.
 وكان يذهب إلى المسجد وليست لديه أدنى فكرة حول جذوره وأصوله إلى أن قابل في المسجد رجل مسنّ يعرف أهله فحدثه عن أصوله وتبين أن الشيخ هو ارمني حدث له ما حدث لأهله وجن جنون الرجل وقال لن أزوج بناتي للأتراك حتى ولو دفعت روحي ثمناً لذلك…ورسم خطة الهرب إلى حلب ثم الهجرة إلى أرمينيا …قال لنا أنا انتظر أوراقي بهمة شباب التاشناك هنا، سأذهب الى أرمينيا وأتخلص من الأسماء القذرة التي تم إطلاقها علينا وسأتعمد وأعمد أولادي وبناتي … وسأزوج بناتي لشباب ارمن.
وبالقياس فهناك العديد من الأسر الأرمنية خدم أربابها في الجيش الفرنسي وعندما انسحبت فرنسا من سوريا عرض الفرنسيين عليهم ان يرافقوهم الى فرنسا فرفضوا وقالوا سوريا قريبة من أرمينيا وأملنا بالعودة كبير أما اذا ذهبنا معكم الى فرنسا فسيكون املنا في العودة ضعيف.
اسر اخرى كثيرة ذهبت الى ارمينيا وتركت الجزيرة السورية ومنهم اسرة السفير الارمني الحالي في دمشق البروفيسور آرشاك بولاديان واعتقد ان الاسرة من القامشلي وهاجرت الى ارمينيا السوفياتية في اوائل السبعينات.
وبالقياس فإن اسرة شهيدنا اليوم كارو مكرديتشيان هي من الجزيرة السورية ومن منطقة القامشلي
بالتحديد، حيث ولد كارود في سوريا منطقة القامشلي في العام 1964 وقررت اسرته العودة الى ارمينيا للعيش فيها والاستقرار.
وشب كارود على محبة ارمينيا وتطوع في حرب تحرير آرتساخ ولوطنيته العالية ومهارته العسكرية تم تعيينه بصفة القائد العام لكتيبة بروشيان التابعة لحزب التاشناك، وتمرّس كارود بالدفاع عن المناطق الحدودية لجمهورية ارمينيا مع أذربيجان وكان من احدى مهماته ان يؤمّن السلاح للمقاتلين…اطلق على كارود مكرديتشيان وهراتش موراديان وبيدو لقب الاصدقاء الثلاثة وكان هدفهم الوحيد الاستماتة في الدفاع عن المناطق الحدودية لجمهورية أرمينيا مع أذربيجان جهة الشمال من ارتساخ.
وتحرك كارود مع فرقته الى ماردوناشين بتكليف من القيادة لتقديم المساعدة لفرقة سيمون آتشيككوزيان وهناك واجهوا القوات الخاصة الأذرية آومون ودارت معارك طاحنة بتاريخ 30 نيسان 1991 وحرروا لينسو وخوجالو.
قبل تحرير شوشي تحركت فرقة كارود وفرقة سيمون آتشيككوزيان الى بوزلوخ وتم تسليم كارود مكرديتشيان قيادة الفرقتين ومهمة الدفاع عن منطقة بوزلوخ …وكان كارود يردد مقولته الشهيرة…لن نعود الى بيوتنا قبل تحرير كيداشين وماردوناشين

في ١٣ تموز ١٩٩٢ كانت آخر المعارك التي يخوضها كارود وهي معركة غير متكافئة لأن الآزريين زجوّا الدبابات لتي أصلت المنطقة بنيران حامية وتحولت المعركة بنسبة للأرمن إلى معركة ميؤوس منها بسبب عدم توفر الصواريخ المضادة للدرع وعدم توفر دبابات قريبة لدى الجانب الأرمني الذي كان يحمل الأسلحة الفردية والرمانات، وعمد كارود لتغيير الخطة فأمر بتسلق الجبل ومهاجمة العدو المحتمي بالدبابات من الخلف لتشتيت العدو وإحداث مفاجأة. والذي فعله كارود كان بمثابة عملية استشهادية إن لم تكن عملية انتحارية.
وكان أول الصاعدين إلى الجبل واختفى فجأة وفشل الالتفاف ولم يعد يجيب على جهاز اللاسلكي وضاع اثره…والاحتمالات كثيرة فربما يكون قد لقي حتفه بصليات الرصاص المنطلقة من الدبابات أو من الجنود الاذريين المحتمين خلف الدبابات…ومن الممكن إن يكون قد جرح وفقد توازنه وسقط في مكان ما من المنحدرات الصخرية الكثيرة ولم يتم العثور على جثته أبداً.
ولم يفقد الأرمن الأمل من العثور عليه وتم نظم قصيدة مغناة بهذه المناسبة صارت تردد في شوارع يريفان وفي البيوت والأسواق وفي المحلات ووسائط النقل وتقول كلماتها:
لن نفقد الأمل فنحن بإنتظارك يا كارود لا بد أن ترجع لنا سالماً في يوم قريب.
وكان يقول لرفاقه على الدوام لا تخشوا شيئاً إن رصاصة العدو لن تمسّني…وفي مقبرة الشهداء في بروشيان تم بناء قبر رمزي فارغ لكارود مكرديتشيان وهذا بمثابة الاعتراف بأنه استشهد وتم منحه ميدالية الصليب الحربي من الدرجة الأولى من جمهورية أرمينيا وميدالية اخرى مشابهة من جمهورية آرتساخ.
والمشكلة أن الأذريين لا يزالوا مصدقين أن ارتساخ ارض أذرية وان الأرمن اغتصبوها منهم وان لستالين الحق في مسك خارطة الاتحاد السوفياتي وفصل هذا الجزء من تلك الأرض والحاقه بجمهورية اخرى ثم فصل جزء آخر والحاقه بجمهورية ثالثة.
مات كارود مكرديتشيان من أجل ارتساخ التي كانت آخر الأراضي التي ضاعت من الأرمن وأول الأراضي التي عادت إليهم بفضل كارود ورفاقه.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الارمني
24/11/2017

هامش: تحية محبة للصديق جيرو كيفورك كاراكوزيان القيادي في حزب التاشناك في بيروت لبنان على المساعدة القيمة في تقديم المعلومات والصور والصديق جيرو يخصص معظم وقته لمتابعة الشؤون الأرمنية وزار يريفان وآرتساخ مرات كثيرة جداً واجتمع بالفدائيين وزار قبور الشهداء

شاهد أيضاً

أذربيجان تشن هجموم من الجزء الشمالي الشرقي من أرمينيا والجيش الأرميني يتصدى ويرد العدوان.

يريفان في 28 يوليو/أرمنبريس: قالت وزارة الدفاع الأرمينية في بيان إن الوحدات العسكرية الأذربيجانية التي هاجمت …

إلهام علييف يكرر أطروحته الزائفة بأن زانكيزور تنتمي لأذربيجان.

 مرة أخرى يتحدث إلهام علييف على التلفزيون الحكومي الأذربيجاني عن قصة قد تخيلها حيث كرر …