بقلم بهلول أوزكان 7-12-2016
بعد قرن من تفكك الإمبراطورية العثمانية، يعتقد رئيس تركيا رجب طيب أردوغان ومؤيديه أنه يمكنهم استعادة مجد الإمبراطورية السابق.
نزهة في شوارع أي مدينة تركية وسترى نوافذ السيارات المزخرفة مع الأختام الإمبراطورية من السلاطين العثمانيين، الذين يحتفلون أيضا بأسماء مشاريع البناء الجديدة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. السيد أردوغان، زعيم البلاد منذ 14 عاما، هو المسؤول عن وضع الإمبراطورية العثمانية في مركز الخيال الجماعي التركي مع خلق ازدواجيه بين السلاطين العثمانيين والخلفاء المسلمين. ، واعلن رئيس جناح الشباب في حزب العدالة والتنمية مؤخرا وهو مرتبط برجل الدين القطري البارز يوسف القرضاوي المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين بأن أردوغان “رئيس جميع المسلمين في العالم”. 
ويبدو أن هذه الطموحات تؤثر بشكل خاص على سياسة تركيا في الشرق الأوسط. فبعد أن بدأت الحرب في سوريا في عام 2011، سعت أنقرة إلى استبدال نظام الرئيس بشار الأسد في نهاية المطاف بالحلفاء الإسلاميين حيث قامت برعاية الجماعات المسلحة التي تطلق على نفسها أسماء السلاطين العثمانيين، مثل لواء السلطان مراد ولواء السلطان محمد الفاتح.
في الأشهر الأخيرة، اعرب اردوغان عن اسفه بأن الموصل، التي كانت تعد مركزا رئيسيا في العصر العثماني، ومن اهم مدن العراق، قد بقيت خارج أراضي الجمهورية التركية التي تأسست عام 1923.
ولكن الواقع على الأرض قد لا تتفق مع رؤى السيد أردوغان. فليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأنه يستطيع إعادة هيكلة الإمبراطورية العثمانية في عالم القرن الحادي والعشرين.
يذكر أن تركيا لها وجود عسكري في شمال العراق حيث تخوض حربا ضد حزب العمال الكردستاني منذ اكثر من 30 عاما. وفي الآونة الأخيرة، أقامت القوات التركية قاعدة لها قرب الموصل.هناك مبالغة في تقدير تأثير تركيا بين السنة العراقييين فقط بضعة آلاف من الرجال الذين لا يتطابقون مع الجهاديين وفوق ذلك، فإن الحكومة في بغداد، بعيدة عن رؤية السيد اردوغان “رئيس جميع المسلمين” ويعتبر الجيش التركي قوة احتلال.
سوريا هي المثال الأكثر وضوحا على طموحات أنقرة وقدرتها على التعامل مع الواقع في الشرق الأوسط. واليوم، يدير الفرع السوري لحزب الاتحاد الديمقراطي، منطقة سورية على الحدود السورية مع تركيا والتي تعتبرها منظمة إرهابية، في حين تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حليفا رئيسيا في الحرب ضد الدولة الإسلامية.
في آب / أغسطس، كان الأكراد السوريون،و بدعم أمريكي، مستعدين للسيطرة على شريط طويل على طول الحدود التركية السورية. وبمجرد أن أصبح هذا واضحا، أطلقت تركيا، جنبا إلى جنب مع وكلاءها السوريين، عملية عسكرية لرد الأكراد والدولة الإسلامية. وقد اكتسبت تركيا ووكلائها السيطرة على منطقة جعلوها منطقة عازلة بين منطقتين تديرهما كردستان.
كما تحققت إيران وروسيا من طموحات المجموعة المدعومة من الولايات المتحدة. إذا كان الأكراد السوريون سيحصلون على مساعدات أمريكية، فإن موسكو وطهران يخشون الاعتماد على البقاء حليفا أمريكيا، وربما حتى استضافة قواعد عسكرية أمريكية، وتهديد المصالح الإيرانية والروسية. وبناء على ذلك، فإنه باستخدام تركيا للتغلب على الأكراد السوريين، تأمل موسكو وطهران فيفي لي ذراع الولايات المتحدة.
إن مصالحة تركيا مع روسيا تتجاوز سوريا. ففي الآونة الأخيرة، التزم السيد اردوغان علنا بفكرة الانضمام إلى منظمة شانغهاى للتعاون، وهى معاهدة تقودها روسيا والصين. وبذلك، فإن تركيا تصبح “إحدى من أكثر الشخصيات الاستبدادية في العالم، والملوك الزائفة، والقادة الطموحين” بحسب
الكسندر دوغين، أحد أهم منظري الكرملين واحد المؤيدين الرئيسيين لل”Eurasianism،” يأمل أن تتولى بلاده قيادة تحالف “أوروبي آسيوي” مناهض للغرب؛ ويعتقد أردوغان أن مصير تركيا التاريخي هو أن يدافع عن العالم الإسلامي الذي تخوفه الغرب.
إن التعاون التركي الروسي الحالي هش. فتركيا لا تزال واحدة من أعظم رعاة المتمردين السوريين، في حين أن روسيا هي الداعم الأساسي للأسد. وعلاوة على ذلك، لا تزال تركيا عضوا في الناتو، ولا تزال متشابكة مع الاتحاد الأوروبي.وترسل تركيا نحو نصف صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي، ويحافظ اقتصادها على الاستثمار الأوروبي.
إن الانضمام إلى منظمة شانغهاى للتعاون سيكون تعويضا خطيرا لما ستتخلى تركيا عنه. إذ أن اقتصاد تركيا يشعر بالفعل بتداعيات سياسات أردوغان: فقد انخفضت العملة التركية بنسبة 20 في المائة مقارنة بال 11 شهرا الماضية.
بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ بموجب مرسوم. وقد تم اعتقال العديد من الصحفيين والسياسيين المعارضين. التوقعات قاتمة بحيث بدأ الاستثمار الأجنبي بالفرار من البلاد. حتى أن نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية اعترف مؤخرا بان تركيا تمر “بأشد فترة أزمة منذ الحرب العالمية الأولي” عندما انهارت الامبراطورية العثمانية.
الشعب التركي لا يمكن أن يهنأ بالنوم والتخيل بالانتعاش العثماني. قريبا، سيكون عليهم الاستيقاظ ومواجهة الواقع الغير سار.
القضية قضية الشعب الأرمني
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.