سبوتنيك أرمينيا – نايري هوخيكيان
بدأت الحكومة التركية المرحلة الأشد من الإبادة الجماعية للأرمن في نيسان 1915، عندما تم قطع رؤوس المثقفين الأرمن المحليين في غضون أيام قليلة. وقتل بوحشية الشعراء والكتاب والموسيقيين الأرمن المشهورين في تلك الفترة.
كان في تقدير طلعت باشا أنه من الممكن أن يجبر الناس على الركوع إذا لم يكن المثقفون موجودين، إن لم تتواجد قوة روحية تقود الناس. لكن اتضح أن حساباته كانت خاطئة. فبعد مرور 105 عاما على الإبادة الجماعية للأرمن، يعيش مثقفون أرمن في أرمينيا الغربية، وهم أناس لا يغنون فقط بالأرمنية، بل ينشرون أيضا تلك الأغاني بين مواطنيهم الذين يعيشون هناك.

استبان إلهان – يبرميان هو واحد من قلائل الأرمن الذين خرجوا من عائلة أرمنية في أدييامان والذين لم يخفوا هويتهم الوطنية. ولم يوصفوا بالمتنكرين أو بـ”ورثة أرمني“. بالرغم من عدم معرفته للغته الأم، إلا أنه تمكن من تعلم الأغاني الشعبية والأغاني القومية الأرمنية. لم يتلق تعليما موسيقيا، لكنه أكد أن الأهم بالنسبة له أن ينقل الثقافة الوطنية إلى الأشخاص الذين بقوا بأعجوبة في الوطن التاريخي بعد الإبادة الجماعية والذين حافظوا على هويتهم الوطنية في السر.

قال استبان خلال حواره مع سبوتنيك أرمينيا: “كوننا أرمن لم يكن سراً على الإطلاق، طبعا اكتشفت كوني أرمنيا من عائلتي. عندما كنت صغيرا، كنت أسمع دائما بأننا عائلة أرمنية. كثيرا ما سمعت الناس ينادوننا “بالكافر”، لكن عائلتي تعودت على مثل هذه الألقاب. حتى في ظل تلك الظروف، لم تخف عائلتي حقيقة كونهم أرمن. لم تكن الهوية الأرمنية جديدة بالنسبة لي، لذلك نشأت بهذا الوعي”.
أطول محطات استبان كانت في موش، ساسون، خاربيرت، ارضروم، فان، ديار بكر. حيث يتزايد عدد الأرمن في ديار بكر عاما بعد عام. ويزداد عدد الأشخاص الذين يتكلمون عن هويتهم، راغبين أن يتم تسميتهم باسمهم الحقيقي ابن أرمني. الأتراك والأكراد المحليين يدعون الأرمن المتخفيبن في أرمينيا الغربية لعقود بـ “بافلة” . ومن أجل هؤلاء الأرمن بدأ استبان إلهان، الذي أخذ لاحقا لقب أسلافه يبريميان في غناء الأغاني الأرمنية عن مجد ماضينا والتراث والإبادة الجماعية والشوق والأمل.
يقول استبان: “أحاول بأغنياتي أن أبقي على وعينا القومي قويا قدر الإمكان. هذه الأراضي هي جذورنا. هنا يكمن آثار أسلافنا التي غطتها الغبار، والذي من الممكن تنظيفه، وأنا أحاول تنظيف ذلك الغبار بأغنياتي. من الممكن وجود حالات تخلى فيه الأرمن المحليون عن هويتهم الوطنية، ولكن هذه أيضا مسألة وقت. فالأغنية الأرمنية تتردد في لاوعيهم، لأن تلك الأغاني سمعت من قبل أجدادهم وتم تمريرها وتوريثها بين الأجيال”.
في عام 2019، أراد استبان الاستقرار في أرمينيا الشرقية. فجاء إلى يريفان، لكنه استطاع البقاء لشهر واحد فقط. اعترف بأن قلبه في المكان الذي لربما يتحدثون فيه التركية ولكنهم يفكرون ويشعرون بالأرمنية، فهم يحبون نسائهم وأمهاتم بلهجات موش وساسون وتيكراناكيرت و أدييامان حيث مسقط رأسه.

القضية قضية الشعب الأرمني


يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.