أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / هل من الممكن أن تسمح تركيا للمؤرخين بحسم قضية إبادة الأرمن؟

هل من الممكن أن تسمح تركيا للمؤرخين بحسم قضية إبادة الأرمن؟

ألين أوزينيان

كتبت: ألين أوزينيان

بعد أن اعترف مجلس النواب الأميركي الشهر الماضي بأن أعمال القتل الجماعي التي ارتكبتها الدولة العثمانية ضد الأرمن من عام 1915 تمثل جريمة إبادة جماعية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن المؤرخين – لا السياسيين – هم من يجب أن يحسموا هذه القضية، وإن سجلات الأرشيف التركي مفتوحة أمام الباحثين.

وهذه الفكرة ليست جديدة؛ فقد طرحها أول مرة ليفون تير-بيتروسيان، أول رئيس لأرمينيا، بعد أن حصلت بلاده على الاستقلال في عام 1991. واقترح بيتروسيان تشكيل لجنة من المؤرخين لمناقشة قضية الإبادة الجماعية. واحتضن سياسيون أتراك الفكرة في وقت لاحق، ودعوا مراراً إلى ترك هذه المسألة للأكاديميين.

وفي المجمل، هناك 152 دولة موقعة على “اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”. وتُلزم الاتفاقية الدول الموقعة بمنع أعمال الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وتقول إن توافق المؤرخين مطلوب للاعتراف بأن أي عمل من الأعمال الوحشية يمثل جريمة إبادة جماعية.

وبالطبع، يستطيع صُنّاع القرار السياسي الاستناد في قراراتهم إلى الأبحاث المُتاحة. وأعدّ خبراء دوليون الكثير من المؤلفات التي خلصت إلى أن الأحداث التي وقعت في عام 1915 وبعده يمكن تصنيفها على أنها جريمة إبادة جماعية. غير أن معظم الدراسات التركية ركزت على خلق أعذار والتهوين من المجزرة التي ارتُكبت بحق الأرمن.

لكن إذا تأسست لجنة من المؤرخين، فهل من الممكن ألا يتم تسييسها، بالنظر إلى أن الدولة ستتدخل على الأرجح في اختيار الأكاديميين المشاركين في اللجنة؟ هل هناك أي ضمان لعدم توجيه اتهامات بارتكاب جريمة “إهانة القومية التركية” لأي مؤرخ يعتبر تلك الأحداث جريمة إبادة جماعية؟

في عام 2000، حذّر الصحفي العلماني القومي أمين كولسان رئيسَ تركيا آنذاك، أحمد نجدت سيزر، من التحركات الرامية إلى تأسيس مثل تلك اللجنة.

وتساءل “ماذا إذا قال هؤلاء المؤرخون: نعم هذا صحيح، لقد ارتكبتم الإبادة الجماعية؟ ماذا سنقول وقتها؟”

وعلى الرغم من تلك المخاوف، فإن لجنة المصالحة الأرمنية المدعومة من الولايات المتحدة تأسست بعد ذلك بعام وضمّت هيئة من الدبلوماسيين المتقاعدين والشخصيات العامة من تركيا وأرمينيا. وطلبت اللجنة من المركز الدولي للعدالة الانتقالية – وهو منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة – تسهيل إجراء دراسة قانونية مستقلة حول ادّعاءات الإبادة الجماعية. لكن عندما قال المركز في تقرير عام 2003 إن أحداث 1915 تمثل إبادة جماعية، رفضت تركيا التقرير وجرى حلّ اللجنة.

منذ ذلك الحين، يحاول الكثيرون في تركيا وأرمينيا مناقشة أحداث 1915 مناقشة علنية. وفي عام 2005، تراجعت جامعة البوسفور في إسطنبول عن استضافة مؤتمر حول الأرمن في الدولة العثمانية، بعد أن وصف وزير العدل – وكان آنذاك هو جميل جيجك – المنظمين بأنهم خونة، واتهمهم بطعن الأمة التركية طعنة غدر. بعد ذلك، عقدت جامعة بيلجي المؤتمر، لكن محتجين ألقوا الطماطم والبيض الفاسد على المشاركين خارج المقر.

بعد ذلك، في عام 2007، دُعي مسؤولون وباحثون من تركيا إلى زيارة أرمينيا لحضور فعالية حول مشاكل العلاقات التركية الأرمينية ومستقبلها. رفضت تركيا الدعوة، قائلة إنه لا يوجد شيء يمكن مناقشته.

حاول المنظمون تنظيم مؤتمر آخر حول الإبادة الجماعية التي ارتُكبت بحق الأرمن في جامعة بيلجي في عام 2015، لكن إدارة الجامعة ألغته.

وبالنسبة للعلماء الساعين إلى إجراء أبحاث حول الإبادة الجماعية، فإن سجلات الأرشيف الرسمية في أرمينيا مفتوحة، لكن الأكاديمي التركي جاندان بادم قال في عام 2012 إن باحثَيْن اثنين فقط من تركيا استخدماها.

وظلّ مؤرخون قوميون أتراك، مثل يوسف هالاج أوغلو لسنوات يشكون من أن سجلات أرشيف حزب الطاشناق الأرمني القومي في بوسطن مغلقة. وقال فاتشي بروديان، المسؤول في حزب الطاشناق، والذي كان يشرف على الأرشيف، في عام 2016 إنها ليست مغلقة، لكنها كانت غير متاحة مؤقتاً لإنتاج نسخة رقمية منها. أضاف أن مواد الأرشيف نُشرت بالفعل في عام 1934 في كتاب من مجلدين.

لكن الباحثين اشتكوا من أنهم كانوا لم يتمكنوا من استخدام الأرشيف العثماني بشكل فعال، لأنه غير مفهرس على النحو الملائم. وأجرت السلطات تحقيقات في وقت لاحق مع بعض ممن تمكنوا من الاطلاع على الأرشيف وحظرت عليهم الاطلاع عليه.

وفي السنوات الماضية، تحسنت حالة الأرشيف العثماني بصورة كبيرة، لكن المشاكل ما زالت مستمرة. واختفت بشكل ما بعض وثائق المراسلات التي جرت بين السلطات المركزية والمحلية خلال الإبادة الجماعية.

وهناك مشاكل مشابهة في سجلات أرشيفية رسمية أخرى في تركيا. وقال آيهان أكتار، الخبير في الشؤون السياسية، عام 2014 إن “أرشيف وزارة الخارجية مغلق تماماً.

“أرشيف مكتب رئيس الأركان العامة مفتوح فقط نظرياً… فغير مسموح لك بالاطلاع على الوثائق الأصلية. هناك تفتيش مسبق. هم يطلعونك على ما يريدون أن يطلعوك عليه”.

مصدر آخر مهم لدراسة مذابح الأرمن هو أرشيف تسجيل الأراضي في الدولة العثمانية. في عام 2006، عندما كانت السلطات تدرس نقل الوثائق من سجل الأراضي إلى أرشيف الدولة، نصح الجيش مجلس الأمن القومي بعدم الإقدام على تلك الخطوة. وقال أحد الجنرالات إن “المعلومات الموجودة فيه من الممكن أن تُستغل في ادعاءات لا أساس لها من الصحة”.

وقال باسكين أوران، الخبير في الشؤون السياسية، إن المجلس عطّل الإجراء، حيث كانت الوثائق ستُثبت أن الكثير من العقارات والأراضي التي نقلت الدولة ملكيتها إلى مسلمين كان قد تم الاستيلاء عليها من مسيحيين أرمن أو يونانيين.

وبالنظر إلى فشل الجهود السابقة في تمكين المؤرخين من الوصول إلى مصدر مهم للمعلومات، وتصلب موقف الحكومة التركية منذ ذلك الحين، فما الذي يمكن أن يفعله الأرمن سوى المطالبة باعتراف رسمي بأن أعمال القتل التي ارتُكبت تمثل جريمة إبادة جماعية.

– الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن آراء موقع “أحوال تركية”.

شاهد أيضاً

أذربيجان تشن هجموم من الجزء الشمالي الشرقي من أرمينيا والجيش الأرميني يتصدى ويرد العدوان.

يريفان في 28 يوليو/أرمنبريس: قالت وزارة الدفاع الأرمينية في بيان إن الوحدات العسكرية الأذربيجانية التي هاجمت …

إلهام علييف يكرر أطروحته الزائفة بأن زانكيزور تنتمي لأذربيجان.

 مرة أخرى يتحدث إلهام علييف على التلفزيون الحكومي الأذربيجاني عن قصة قد تخيلها حيث كرر …