أجرى موقع http://nakhijevan.online مقابلة مع الأكاديمي أركام أيفازيان الاخصائي بالشؤون الأرمنية وشؤون ناخيتشفان الناشط في الشؤون الثقافية في جمهورية أرمينيا، و عضو الأكاديمية الدولية لتوثيق الآداب.
س – سيد أيفازيان، لقد نشطت مؤخرا المناقشات في الصحافة الأرمنية وغيرها من الصحف حول ناخيتشفان ، وذلك بسبب المناورات العسكرية التركية الأذرية. برأيكم، ما هو الغرض من هذه المناورات وماذا يجب أن يكون الرد من الجانب الأرمني؟
نعم صحيح. كان هذا النشاط الصحفي واضحا من وقت لآخر خلال العشرين عاما الماضية، وكما تلاحظين فإن هذا النشاط مرتبط بهذا الحدث أو ذاك، وللأسف أود هنا أن أؤكد بأنه مؤقت وعابر. في حين ، على أرمينيا أن تتعامل مع هذا الشأن بشكل معقول وواقعي، فإقليم ناخيتشفان التاريخي مع موقعه الجغرافي وماضيه التاريخي وثقافته هو منطقة مهمة بالنسبة لأرمينيا.
فيما يتعلق بالمناورات العسكرية التركية الأذرية الأخيرة في ناخيتشفان، والتي ليست المرة الأولى التي تحدث في السنوات الأخيرة، فهي خطيرة جدا على أمن أرمينيا. من الواضح أنه في الأعوام الأربعة إلى الخمس الماضية، تتحججت تركيا بالكثير من الذرائع بخصوص ناخيشيفان، لتراكم عدد كبير من المعدات والقوات العسكرية ، سنة بعد أخرى ، خاصة في سهل شارور بالقرب من ساتاراك. وهذا دليل واضح على وجود أهداف بعيدة المدى. ولاحظوا أن كل هذا يتركز في قاعدة عسكرية على بعد 60-65 كم فقط من يريفان. لذلك،فإن عدم شعور الدولة بالقلق محفوف بالمخاطر التي لا يمكن التنبؤ بها. إنني مقتنع أيضا بأن إنشاء تركيا وأذربيجان لقاعدة عسكرية في ناخيتشفان والتعزيز اليومي للقاعدة لم يكن من الممكن تحقيقهما دون موافقة روسيا. وهذا دليل واضح على أن أرمينيا كدولة لاتشعر بالقلق البالغ بشأن قضية ناخيتشفان وهي لا تعمل مع روسيا في هذا الاتجاه بالقدر الكافي لمراجعة أو إلغاء البنود المتعلقة بشأن ناخيتشفان في المعاهدة الروسية التركية المشؤومة الموقعة في عام 1921.فلولا ذلك، ما كانت تركيا وأذربيجان ستفعلان شيئا كهذا.
سأخبركم بشأن ما أقلق. في 20 إلى 25 سنة الماضية، كان رؤساء جمهوريتنا، الذين تحكموا بالسياسة الخارجية للبلاد، عبر عدد من المسؤولين الحكوميين (رؤساء الوزراء والوزراء)، كانوا منشغلين بسرقة الثروة الوطنية للبلاد بمختلف المكائد، وخلق العنف الداخلي، والآن السلطات منشغلة بالتوقيفات-والإفراجات في حين تعمل بعض الجماعات الأخرى على الإفراج عن المجرمين ، وإضافة لذلك الأعمال غير المشرفة لخلق صعوبات وثغرات بين أرمينيا وآرتساخ.
على مر السنين، تحدثت علنا عن هذه القضايا والقضايا المماثلة. فبالنسبة لبعض المسؤولين سنوات التنصيب هي فترة لملئ جيوبهم وليست من أجل تعزيز مصالح دولتنا. وفي مثل هذه الظروف، فإنه من الطبيعي للقضايا الوطنية مثل ناخيتشفان وجافاخك التي تتعلق بأرمينيا الغربية أن يتم دفعها إلى الدرجة الثالث والرابع. وإن بعض الردود على القضايا إما تكون متأخرة أو غير مجدية وغير فعالة. و للأسف فإن نهج دولتنا وردود الفعل على هذا النحو حتى الآن.
س- لقد أعربت مرارا وتكرارا عن تدمير المعالم الأرمنية في ناخيتشفان والقضاء على الأثر الأرمني في ذلك الجزء من وطننا وأبرز تلك الأعمال هو تدمير الصلبان الحجرية في منطقةجوخا. ما الذي كان يتوجب علينا فعله و لم نفعله لمنع هذه الهمجية وماذا يجب أن نقوم به بعد الآن من أجل إنقاذ الآثار الثقافية؟ وماذا يجب أن تقوم به الدولة بهذا الخصوص؟
نعم ، لقد أثيرت هذه القضية من قبلي عدة مرات. ومع ذلك، ولكن يحتاج المتحدث إلى من يسمعه. في أرمينيا، وتحديداً الهيئات ذات الصلة، بدءاً من رؤساء ورؤساء الحكومة ووزارة الخارجية و وزارة الثقافة في جمهورية أرمينيا السابقة تقريبا لم يفعلوا شيئا بهذا الخصوص. أقول تقريباً، لأن أرمينيا لم تتمكن من فعل شيء سوى التقدم بطلب إلى اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية عدة مرات في السابق. لم يحدث شيء، لأنه بعد إرسال خطاب الشكاوى عن تدمير أذربيجان للتراث الثقافي والمادي للأرمن في ناخيتشفان والسياسات التخريبية لم تكن هناك استمرارية في العمل لتقديم أذربيجان إلى العدالة، و حتى يومنا هذا فإنه لم يتم تحضير الوثيقة القانونية بخصوص هذا التخريب من أجل تقديم أذربيجان إلى العدالة في المنظمات الدولية.
اسمحوا لي أن أذكر هنا مرة أخرى أن حوالي 27 ألفا من آثار الأرمن الصغيرة و الكبيرة كانت ضحية للتخريب الحكومي الغير المسبوق من قبل دولة أذربيجان. هذه خسارة هائلة ولا يمكن تعويضها وقد تم تنفيذها أمامنا، ولكن أمام عيونٍ عمياء. علاوة على ذلك، فإن أذربيجان هي التي تقدمت بطلب إلى الأمم المتحدة منذ عدة سنوات وادعت أن أرمينيا تدمر آثارا للثقافة الأذرية على الأراضي المحررة، وأنه ينبغي لأرمينيا أن تمنح أذربيجان تعويضا عن الأضرار تصل قيمتها إلى المليارات الدولارات.
كل هذا تم أثناء ولاية الرئيس الثاني لأرمينيا في فترة 1997-2006 ، أثناء رئاسة روبرت كوتشاريان، والذي لم يثر أبداً هذه المذبحة غير المسبوقة والمروعة للآثار الأرمنية في ناخيتشفان على الصعيد الدولي، ولا أثناء المفاوضات الأرمنية الأذرية الجارية حول آرتساخ. لا تعتبري كلامي هذا قاسيا فموقف كهذا يعتبر خيانة وطنية، ولا حاجة لأي إثبات دستوري على الإطلاق. وبما أن هذا النوع من الطموح القومي و الوطني هو فوق كل شيء آخر فيمكن فقط للشخص الوطني القومي إدراكه و التصرف بهذا الروح، وهي سمة مفقودة في أنشطة رجال الدولة لدينا في العقود الأخيرة تقريبا. وفيما يتعلق بالآثار الأرمنية الباقية في ناخيتشفان، يجب أن أذكر أن الآثار والأديرة والكنائس والمقابر والصلبان الحجرية و الضرائح وغيرها من الآثار التي تذكرنا بالأرمن لم تعد موجودة، وبطبيعة الحال ليس هناك داع لفعل أي شيء بعد الآن للحفاظ عليهم. في بعض مناطق هذه الآثار، على سبيل المثال ديرتوماس المقدس في أكوليس والقديس قره بت في أبراكونس، كنيسة وضريح نوح في ناخيتشفان وعلى غيرها من الكنائس قد تم بناء مساجد أذرية ومباني ما بين عامي 2012-2016.
س-كيف يتم التخطيط لتحويل الآثار الأرمنية من قلاع و جسور وغيرها من الآثار في ناخيتشفان إلى الأذرية؟ على سبيل المثال، قبل عدة سنوات قامت أذربيجان بترميم عشوائي لقلعة يرنشاك الغير المأهولة و الشهيرة وتغيير ملامحها والتي ربما يعود تاريخها لحقبة مملكة أرارادية ويبذلون قصارى جهدهم لتقديمها كأنها أذرية. في تشرين الثاني من عام 2008 تمكنت أذربيجان من تسجيل رقصة كوتشاري الأرمنية في اليونسكو كرقصة ناخيتشفان. وكل ها يحدث بسبب عدم قيام أرمينيا بشيء و إعطاء هذا الحق لأذربيجان.
سأختصر سؤالك، “ما الذي يتوجب على الدولة فعله في هذه الحالة؟”، يجب أن أقول إنها تقاعست عن العمل وتعمل ببطء لا يصدق. إن عدم الاتساق واللامبالاة المنتشرة في أكاديمياتنا والمعاهد والجامعات و المدارس والأحزاب والمنظمات السياسية والعامة التي تنشأ في كل زاوية من يريفان أمر غير مقبول. لا أعرف كم من الوقت سيستمر نوم الأرمن و قصر نظرهم.
س- إن قضية ناخيتشفان تبدو وكأنها ثانوية. لقد قمت لوحدك بإنجاز عمل معهد بالكامل. ما هو السبب وراء ذلك، وهل ترى وجود تزايداً في الاهتمام تجاه قضية ناخيتشفان بين أبناء الجيل الجديد؟
تم الرد على إجابة الجزء الأول من هذا السؤال في السؤالين السابقين لذا لن أتطرق لذلك. أما فيما يتعلق بأنشطتي لأكثر من 50 عاما في تاريخ وثقافة ناخيتشفان والفن والنحت على الصخور والانثروبولوجيا (علم الإنسان) والآثار وغيرها من القضايا، لا بد لي من القول إن ما حدث هو بالفعل عمل هائل. ولحسن الحظ، يمكنني القول أنني تمكنت من نشر ما يقرب من 300 مقالة علمية وشعبية و 45 كتابا منفصلاً عن أعمالي البحثية والوثائقية الصعبة والخطرة التي قمت بها لعدة عقود حول المقاطعات التاريخية في ناخيتشفان، حيث تم نشر بعضها باللغة الإنجليزية والروسية أيضا. يمكن اعتبار ذلك نجاحا كبيرا، حيث تم من خلال ذلك إثراء الدراسات الأرمنية في تراث ناخيتشفان المادي والثقافي الذي أنشأه الأرمن منذ عدة آلاف من السنين.
تم تقديم 90٪ من المقالات المنشورة لأول مرة للعلم الأرمني، و التي لها اليوم أهمية سياسية مثلما لها أهميتها كدراسة للمصادر.
أعرب العديد من العلماء الأجانب إضافة للعلماء الأرمن عن القيمة العلمية والسياسية لأعمالي المنشورة عن ناخيشيفان، والتي تم نشرها في العديد من المناسبات. إذ أود أن أقتبس فقط تعليقين عن ذلك. على سبيل المثال، من الأكاديمية الوطنية للعلوم في أرمينيا الأكاديمي فارازتاد هاروتيونيان قال “ربما لا توجد منطقة تاريخية في أرمينيا لديها أدب غني مثل ناخيتشفان. ولهذا السبب نحن مدينون للأرمني الوطني العظيم أركام أيفازيان. ما قام به أيفازيان هو الانجاز المثالي. العمل الذي قام به هو بحث علمي لمعهدٍ إلا أنه قام به لوحده”(2002).
برأي مدير معهد الآثار و والإثنوغرافيا في الأكاديمية الوطنية للعلوم في أرمينيا و مراسل الأكاديمية أرام كالانتاريان “تعد الدراسات والمقالات العديدة لأركام أيفازيان باللغات المختلفة واحدة من أهم المساهمات في تاريخنا في دراسة الثقافة والدراسات الأرمنية. بصراحة، لا أتذكر أي مقاطعة أو محافظة في أرمينيا تمت دراسة آثارها الثقافية وتراثها كما تمت دراستها في ناخيتشفان. هذا يثبت وطنية أيفازيان ومسؤوليته الكبيرة تجاه عمله. عندما نلقي نظرة على قائمة الأعمال التي نشرتها أيفازيان، نرى أنها تغطي جميع جوانب ثقافة ناخيتشفان من التاريخ والنحت والرسم والأزياء والصلبان الحجرية والإثنوغرافية والشعر و النحت على الأحجار والهندسة المعمارية … يمكن اعتبار حياة الأبحاث العلمية لأيفازيان إنجازا. عندما ننظر اليوم إلى العمل الذي أنجزه، نرى العمل العظيم الذي قام به والذي لا يقدر بثمن. لأن آثار ناخيتشفان قد دمرت اليوم بالكامل تقريبا وبفضل آيفازيان بقيت موجودة وستبقى للأجيال القادمة “(2006).
أما بالنسبة لاهتمام الجيل الجديد حول قضايا ناخيتشفان، فهناك تقدم كبير. على مدى السنوات العشر الماضية، كان يطلب مني عدد من الباحثين الشباب من أرمينيا و الشتات استفسارات وتوضيحات، حيث كانت مواضيع دبلوم جامعاتهم مرتبطة بثقافة ناخيتشفان مثل الرسم وفن الصلبان الحجرية و النصب التذكارية وعن أمور أخرى. لقد قدمت لهم المساعدة، قدمت صور ومواد أخرى. آمل أن يتعامل الباحثون الشباب لدينا بشكل أساسي مع هذه القضايا أو غيرها والمتعلقة بنخيتشفان.
س-دعنا نتحدث قليلا عن أعمالك. ما هي خططك في المستقبل القريب؟
بالطبع يوجد خطط، وفي بعض الأحيان هناك أيضا أعمال غير مخطط لها. على سبيل المثال، في نهاية شهر نيسان من هذا العام، كان هناك مجلد واسع من 764 صفحة بعنوان “أفكار ناخيتشفان – اسكتشات”. لم يكن مخططا لها على الإطلاق، كانت بدايته الاجتماع غير المقصود الذي عُقد في أواخر تشرين الثاني عام 2018. تم كتابته من كانون الثاني إلى أذار 2019، ولحسن الحظ تم نشره بمساعدة عائلتي وبعض المؤيدين. لذلك كل شيء مرتبط أيضا بإيجاد رعاة.
س-هل هناك شيء تود أن تتحدث عنه و لم نسألك عنه؟
في شباط من هذا العام نشر سيمون مغاكيان وسارة بيكمان مقالا بعنوان “النظام يخفي دمار الثقافة الأرمنية ” في المجلة الشهرية الثقافية Hyperallergic الرائدة في نيويورك، والتي يبلغ عدد قراءها الملايين.
لن أكون مخطئا إذا ذكرت أن مجلة Hyperallergic الشهرية الثقافية التي مقرها في نيويورك قد نشرت المنشور التحليلي لأول مرة في المجتمع الدولي والذي قدم بشكل كامل الآثار الأرمنية التي تمت تخريبها بسياسة دولة أذربيجان في ناخيتشيفان في الفترة 1997-2006. بعد نشر هذا المقال التحليلي الواقعي، أصبح هناك مباشرة اهتمام من قبل وسائل الإعلام حول الموضوع وأعتقد بأنه سيكون هناك اهتمام من وسائل إعلام أخرى لاحقا. فعلى سبيل المثال، تم التطرق بالفعل إلى المنشور من قبل “Perlintaucher.de Das Kulturmagazin” الألمانية (18.02.2019) ، “The California Courier” (26.02.2019) التي تنشر في الولايات المتحدة الأمريكية ، موقع Jihad Watch””، “Islamophobic” (https://www.jihadwatch.org/..․/azerbaijan-movesto-obliter, 27.02.2019) ، The Guardia البريطانية المرموقة وغيرها من وسائل الإعلام. العديد من وسائل الإعلام في أرمينيا (“Mediamax” ، H1 ، شانت، “Aravot”) تطرقت أيضا إلى هذا المنشور. أعتقد أنه ينبغي ترجمتها ونشرها بالكامل في إحدى الصحف الأرمنية للقراء الأرمنيين والذي للأسف لم يتم حتى الآن.
واسمحوا لي أن أذكر أيضا أن نشر هذا المقال الذي عمل عليه المؤلفون منذ أكثر من عام في عام 2017، كانوا دائما على اتصال معي. كان الغرض منه ناشر آخر في مجلة “History Today” في لندن. ولكن نشره الذي كان سيكون في عام 2018، لم يتم إلا في عام 2019 في Hyperallergic لأنه واجه عقبات من قبل أذربيجان. إن هذا العائق الذي أعاق نشر المقال يذكرني بالسبعينيات، عندما كنت أنقل مقالاتي حول ناخيتشفان في يريفان من مكتب تحرير لآخر و أستعيدها بالرفض بعد عدة أشهر. لذلك، تعمل أذربيجان باستمرار على جميع الجبهات، ونحن نحاول تقوية أرمينيا من جهة، ومن ناحية أخرى سرقتها و نهبها … كالمطرقة التي في يدنا و كذلك الظفر …
شكراً جزيلاً على عملك القيم ومقابلتك
أجرت الحوار اني ملكونيان
القضية قضية الشعب الأرمني
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.