ذاع صيت طلعت باشا خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، باعتباره سفاح الأرمن، ويحمل تاريخا مشينا من الخسة والندالة، فقد تلطخت يداه بدماء 1.5 مليون، وسلم الأراضي العربية ومدينة القدس للمستعمر البريطاني، الذي منحها للجماعات الصهيونية لاحقا.
كان طلعت باشا عضوا بارزا في جمعية الاتحاد والترقي، تشبع بالأفكار المتطرفة، التي نادى بها ضياء كوك ألب مؤسس الطورانية، ودعا لسمو العرق التركي وإبادة الأمم الأخرى، واستغل عمله كمأمور بريد مدينة سالونيك، لإدار شبكات تخابر ماسونية.
تولى وزارة الداخلية في حكومة الاتحاد والترقي عام 1913، واستغل نشوب الحرب العالمية الأولى لإبادة الأرمن، بحجة تحالفهم مع روسيا القيصرية، وفي أبريل 1915 أمر بتهجير وإبادة الآلاف منهم، وأجبر الولاة على ذبح الأطفال والنساء، وهدد بإعدام من يتهاون في القتل.
أرسل طلعت السفاح خطابات للولاة، يشجعهم فيها على ذبح الأرمن، وقال :”اقتلوهم جميعا، لا تتركوا أرمينيا واحدا على قيد الحياة في بلادنا”، ثم شكل ميليشيات “الجيش الخمسيني” يعاونهم مئات الجزارين لذبح الأبرياء، وأسفرت تلك المذابح عن قتل 1.5 مليون، بما يعادل 77 % من أعدادهم بالسلطنة.
سجل أحداث مذابح الأرمن بخط يده في “الكتاب الأسود”، الذي اعترف فيه بتزوير تقارير أمنية تفيد تحالف الأرمن مع روسيا، وأكد أن قرارات التهجير صاحبها أوامر سرية للولاة بإبادتهم، كما وثق بالتواريخ والأعداد المفصلة للقتلى بكل مدينة وقرية، وفضح الأطباء الأتراك الذين قتلوا الآلاف بالسم وغرف الغاز.
تولى طلعت باشا منصب الصدر الأعظم في فبراير 1917، وتبنى مشروع هرتزل الصهيوني، وأكد للقيصر الألماني فيلهلم الثاني، خلال استقباله في إسطنبول، ترحيبه بوطن قومي لليهود، وبالفعل هجر 50 ألفا إلى فلسطين، ومنحهم الأراضي بالمجان.
خشي طلعت باشا من تحالف اليهود مع بريطانيا، بعد إصدار وعد بلفور في نوفمبر 1917، لذلك أمر عزت باشا حاكم القدس بتسليم مفاتيح المدينة للصهاينة في الشهر التالي، وأتبع ذلك بالإعلان عن تدشين وطن قومي لهم في فلسطين، برعاية عثمانية في يناير 1918، وقال: “أبناء عمنا، وسأقوم لأجل محبتي لهم ببناء وطن قومي لهم”.
تلقى طلعت هزائم منكرة في الحرب العالمية الأولى، وكادت إسطنبول تسقط في يد الحلفاء، لذلك أحرق الوثائق السرية لجرائمه وهرب إلى طرابزون، ومنها إلى ألمانيا في أكتوبر 1918، لكنه لقي جزاء جرائمه الدموية بحق الأرمن، على يد أحد أبناء ضحاياه، قتله صوغومون تهليريان أمام قصره في مدينة تشارلتون برج، في مارس 1921.
القضية قضية الشعب الأرمني
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.