هنالك العديد من القصص حول الإبادة العرقية الأرمنية التي ينفطر القلب لها. رجال ونساء وأطفال تعساء فقدوا أحبتهم خلال السنوات المروعة لحمام الدماء البشرية التي نفذها مجرمو “تركيا الفتاة”. ومن بين تلك القصص، المروية وغير المروية، المطبوعة منها والمخطوطة باليد، نجد أيضاً قصصاً مدهشة تروي اللحظات الوجدانية والمفصلية، حين تجد أعضاء عائلة بعد سنوات من الإبادة العرقية الأرمنية أحباءها الذين فقدتهم، في سوريا، أو أرمينيا أو أميركا وأماكن أخرى. تشتّت عائلات أرمنية عديدة نتيجة الإبادة العرقية الأرمنية ودخول أرمينيا إلى الاتحاد السوفييتي، فتوزعوا في جميع أنحاء العالم. إنّ التغيّرات في السياسات الدولية أبقتهم بعيداً عن بعضهم البعض لكن في نفس الوقت خلقت فرصاً ليزوروا بعضهم. وبعد أن انفصلوا في سن صغيرة، بعض العائلات وأعضاء العائلات وجدوا الطريقة لزيارة أقرباءهم في أرمينيا السوفييتية، أو أولئك الذين بقوا في تركيا(معظمهم نساء مختطفات وضحايا الزواج القسري). إنّ هذه القصص ما هي الّا استثناءات، ولكنها تبيّن النطاق الكامل للمأساة الإنسانية الفظيعة التي حدثت قبل اكثر من مئة عام.
من يعلم كم من الأمهات وابنائهم توفوا غير عالمين بحال الأطفال الذين تمكنوا من إنفادهم، وكم من الأخوة والأخوات فقدوا الصلة فيما بينهم وقضوا حياتهم كلها مفترقين عن بعضهم البعض بدون أت يحظوا بفرصة الالتقاء مجدداً؟
إحدى القصص الإعجازية تروي التجربة المأساوية للسيدة ييرانوهي كيكليكيان من هاجن، التي فقدت زوجها هوفهاننيس كيكليكيان وولديها الشابين. وفي محاولة لكبح مأساتها وفقدانها، قررت أن تبدأ حياة جديدة متذكرة أحبتها من خلال تكوين عائلة جديدة. في ٢٢ آب من العام ١٩٥٤م، حين تواجدت ابنتها في مشفى توليد لتلد توأماً، حينئذ سلّمها زوج ابنتها رسالة مرسلة من أبناء هاجن. وعلمت من الرسالة أنّ ابنها آرام لا يزال على قيد الحياة، ولقد تمّ تبنيه من شيخ عشيرة التربو العربية واصبح وريث العشيرة. وآرام الذي سمي باسمه الجديد، سلمان التربو، تزوج واصبح أباً. والتقت الأم وابنها بعد ٤٠ عام من الفراق في القامشلي شمال سوريا. وتمّ التقاط صورة اللحظة التي لا تنسى والمؤثرة للغاية لذلك اللقاء بين الأم وولدها الذي كان قد بلغ الثامنة والاربعين من العمر في ذلك الوقت.
صورة أخرى تحكي اللقاء الدراماتيكي لأخت مع أخيها افترقوا لخمس وأربعين عاماً بعد الإبادة العرقية الأرمنية في ١٩١٥. ليلى توب من انقرة، تركيا التقت أخاها يرفانت ميروديان من ليكسينكتون، ماساتشوسيتس. وكانا قد افترقا لخمس وأربعين عاما بعد أن تمّ قتل جميع السكان الأرمن في القرية الأرمنية التي كانت عائلة ميروديان تقطن فيها. واعتقد يرفانت ميروديان أنّ أخته كانت ضمن ضحايا القرية، لكنها نجت، وتزوجت لاحقاً تركياً. وحدث اللقاء بين الأخ وأخته في بوسطن في العام ١٩٦٠.
والقصة الثالثة هي إحدى قصص الفراق والالتقاء المفاجئ لأفراد عائلة. بعد أن افترقوا لخمسين عام، اجتمعت عائلة بارصاميان في باسادينا. اوننيك بارصاميان (الواقف) بقي في تركيا ليصبح عازفاً محترفاً لآلة الأكورديون الموسيقية. وأخوته الأربعة وضمنهم نوبار بارصاميان(الجالس) وسيرانوش(الواقفة) استقروا جميعاً في باسادينا، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأميركية في العام ١٩٧١.
القضية قضية الشعب الأرمني
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.