
حظيت العلاقات العربية الأرمينية في الفترة الماضية بدفعة كبيرة، واهتمام مشترك من قبل الطرفين، وبدا ذلك فى مشاركة عدد واسع من الوفود العربية في المراسم التى أقامتها أرمينيا في 24 أبريل 2018 بمناسبة الذكرى 103 على إبادة الأرمن.
وكان الوفد المصري أحد أبرز الحضور في مشاهد ذكرى الإبادة، بحضور السفير طارق معاطي السفير المصري المعتمد لدي أرمينيا إضافة إلى وفد دولة الإمارات وسوريا والعراق.
وبجوار المشاركات العربية في إحياء الإبادة، كان الحدث الأبرز، والذي يعتبر الأول من نوعه، المؤتمر الكبير الذي عقد في العاصمة يريفان في 25 أبريل حول أفاق وتطوير العلاقات العربية الأرمينية.
وجاء المؤتمر برعاية الأكاديمية الوطنية والعلوم بأرمينيا ومؤسسة الأهرام الصحفية، وجاء تحت عنوان العلاقات العربية الأرمينية من الإبادة إلى التحديات الحديثة، وشارك الأهرام بأوراق عمل قدمها عاطف سعداوى وكرم سعيد، وركزت الأوراق على المواقف المصرية والعربية بشقيها الشعبي والرسمي من مسألة الإبادة إضافة إلى عرض كاشف للتحديات التي تواجه تطوير العلاقة بين العرب وأرمينيا إضافة إلى طرح مجموعة من الأفكار لتعزيز التعاون بين الطرفين وللقفز على التحديات التي تواجه العلاقة.
في المقابل شارك عدد من الأكاديميين والباحثين الأرمن بعدد من الأوراق تناولت أوضاع الجالية الأرمينية في سوريا، ودور حزب تركيا الفتاه في إبادة الأرمن إضافة إلى ورقة أخرى تناولت العملية التركية في عفرين.
وأفتتح المؤتمر رئيس الأكاديمية السيد/روبين سافراستيان، والذي أكد حرص أرمينيا على دعم العلاقة مع العرب إضافة إلى تجربته الخاصة في مصر ومع صحيفة الأهرام و مركز الدراسات، كما تحدثت أراكس باشيان نائب مدير الأكاديمية عن توجهات السياسة الخارجية الأرمينية تجاه العالم العربي، وأكدت فى ورقتها على عمق هذه العلاقةـ وكيف أن العالم العربي كان سنداً لأرمينيا في قضاياها. وبرغم أنها أشارت إلى حاجة أرمينيا إلى مزيد من الدعم العربي، فأنها أكدت في الوقت ذاتها على أن ثمة فرصة مواتية في المستقبل لتفعيل روابط العلاقة بين الطرفين، خاصة أن المحور العربي يعد أحد مرتكزات السياسية الخارجية الأرمينية.
وحضر المؤتمر عدد من المسئولين الأرمن في مقدمتهم نائب وزير الخارجية السيد/ارمين بابيكيان وعدد من الباحثين والمهتمين الأرمن إضافة إلى سفراء مصر والأمارات ومندوب السفارة العراقية.
وخلص المؤتمر إلى عدد من النتائج والتوصيات أهمها الحرص على استمرار المؤتمرات والندوات الأكاديمية بين الطرفين إضافة إلى بذل جهود إضافية لتعزيز اللقاءات السياسية بين المسئولين في أرمينيا والمسئولين في العالم العربي.
في لقاءات عديدة أجراها الوفد المصري المشارك في الاحتفالية التي شهدتها أرمينيا بمناسبة 103 عاما على الإبادة، وفي إطار تعزيز العلاقات العربية الأرمينية، عقد الوفد المصرى المكون من عاطف سعداوى مدير تحرير مجلة الديمقراطية، وكرم سعيد الباحث بالمجلة والمتخصص في الشئون التركية، و د. ارمين مظلوميان رئيس الهيئة الوطنية الأرمنية، سلسلة من اللقاءات أولها كانت مع مسئول لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الأرمينيى السيد/شيراك طوروسيان، وتم استعراض مختلف الملفات التى تمس العلاقة بين أرمينيا والعالم العربي. كما أشاد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان إلى المواقف العربية من الإبادة الأرمينية في العام ١٩١٥، وكيف احتضن العرب، وبخاصة المصريين الأرمن. كما أكد على ضرورة تطوير ودعم العلاقة بين أرمينيا والعالم العربي ، و خاصة أن الفرص الاستثمارية والتقارب السياسي بين الطرفين يمثل أرضية خصبة لبناء علاقات متينة.
واتفق الجانبان على أن يبدأ الجانب الأرميني بالبحث الجاد عن الوثائق التى تمس قضية الإبادة، وبخاصة تلك الموجودة في أرشيف وزارة الخارجية المصرية وأرشيف مؤسسة الأهرام ودار الكتب والوثائق القومية. ووعد الجانب الأرمينيى بتكثيف التعاون مع القاهرة بشأن هذا الملف.
كما التقى الوفد المصري نائب وزير الخارجية الأرميني السيد/ ارمين بابيكيان، وكان اللقاء كاشفاً عن عمق العلاقة لكنه لم يخلو من التطرق بشكل صريح إلى التحديات التي تواجه تطوير العلاقات، ومن أهمها الاعتراف المصري والعالم العربي بالإبادة الأرمينية، خاصة أن العلاقة مع تركيا اليوم فى أسوء حالتها، وهو ما يمثل فرصة لتمرير الاعتراف بقضية الإبادة.
لكنه في المقابل ثمن الدور المصرى بشأن قضية ناكورنو كارباخ، وكيف أن مصر مارست دوراً متوازناً.
وأكد نائب وزير الخارجية على أن هناك جهود مشتركة بين البلدين، وبرز ذلك في زيارة وزيرة الاستثمار د. سحر نصر لأرمينيا قبل فترة إضافة إلى مساعي للتحضير للقاء رئاسي يجمع بين الرئيس المصري ونظيره الأرميني.
ومن جهته أكد الوفد المصري على الصورة الذهنية الإيجابية للأرمن في مصر والعالم العربي، وأن مسألة الاعتراف الرسمي بالإبادة هي مسألة وقت وبانتظار مناخ سياسي ملائم، خاصة أن مصر لا يمكن لها أن تعترف بهذه المسألة نكاية في تركيا، أو أن تستثمر القطيعة مع تركيا لممارسة سياسات كيدية، خاصة أن السياسة الخارجية المصرية ترتكز في جوهرها على الأخلاق والمبادئ والقيم. وإذا كانت القاهرة لم تعترف بعد بالإبادة، فهى لا تنكرها، والدليل على ذلك التحركات الجادة في الفترة الأخيرة على مستويات إعلامية وبرلمانية وقضائية بشأن قضية إبادة الأرمن.
واتفق الجانبان المصري ونائب وزير الخارجية على ضرورة الإسراع بوتيرة التعاون بين مصر وأرمينيا، ووعد بتوفير كل الضمانات والسبل التني يمكن أن تساعد في بناء علاقات قوية ومتينية بين أرمينيا والعالم العربي، وبخاصة مصر.
على صعيد متصل لقى الوفد المصرى حفاوة واستقبال كبير من الجانب الأرميني، وأكد الوفد المصري بعد زيارته عدد من الأماكن التاريخية والسياحية في أرمينيا على موقع أرمينيا فى المشهد السياحي العالمي بما تملكه من طبيعة خلابة، ومواقع سياسية فريدة من نوعها. وأكد الوفد المصري على أن هناك فرص استثمارية كبيرة في قطاع السياحة الأرميني، وأن هذه الصورة لابد وأن ينقلوها للقاهرة وللمهتمين بالعمل في الاستثمار السياحي. كما قام سفير مصر بأرمينيا طارق معاطي و حرمه بإقامة مأدبة عشاء علي شرف الزيارة بمنزله حضره شخصيات عامة و عدد من ممثلي الوكالات و الصحف الأرمنية بالإضافة إلى بعض رجال الأعمال..
القضية قضية الشعب الأرمني
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.