أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / لقد أطلق أردوغان عملية الكشف عن أصول الآلاف من الأتراك – ولكن ما هي دوافعه؟

لقد أطلق أردوغان عملية الكشف عن أصول الآلاف من الأتراك – ولكن ما هي دوافعه؟

فقط في تركيا هوية المواطن هي مسألة أمن قومي.  لهذا السبب كانت السجلات المدنية في أنقرة حتى الآن سرية،و تفاصيله سر من أسرار الدولة.  إن تعريف مصطفى كمال أتاتورك لـ “التركية” هو “أي شخص مُلحق بالدولة التركية كمواطن“. الأتراك يأتون من هوية عرقية واضحة لا يلوثها أي أقلية أو نسب مشكوك في أمره الأمر الذي شكل أحد الأسباب التي جعلت النازيين يثنون على جمهورية أتاتورك، وقد نعت صحفهم يوم وفاته على الصفحات الأولى والسواد يحدها.

 وعلى كل حال كان هتلر يتسأل في العديد من مقابلاته الصحفية – وكذلك يقول لجنرالاته قبل غزو بولندا – “من الذي يتذكر الأرمن الآن ؟” فمن المفترض أن يرث أتاتورك تركيا خالية من الأرمن، تماما كما كان هتلر يعتزم تقديم أوروبا خالية من اليهود لأتباعه. إن الإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 – التي تنفيها الحكومة التركية حتى اليوم – دمرت مليون ونصف المليون من الأرمن المسيحيين في أول محرقة من صنع البشر في القرن العشرين. لقد تمت تصفية المجتمع الأرمني بأكمله تقريبا… ولكن هل تم ذلك؟

  إن رد فعل الأتراك المفاجىء  والغير متوقع من الكشف عن سجلات السكان وعلى قاعدة بيانات الأنساب (الأصول) على الأنترنت قبل ثلاثة أسابيع  كانت مباشرة جدا وشاسعة جدا بحيث إنهار النظام في غضون ساعات. والأكثر من ذلك اتضح أن الكثير من الأتراك كانوا أرمن – أو أرمن جزئيا – أو حتى جزئيا من اليونان أو اليهود. وعبر جبال شرق الأناضول – وحول مدن اسطنبول وأزمير وإرزروم وفان وغازي عنتاب وعلى طول طرق قوافل المسكونة بالموت إلى سوريا، ارتفعت الأشباح القديمة من قبور تعود إلى قرن من الزمان لإعادة تأكيد وجودهم الأرمني في التاريخ التركي.  أثبت السجل أن العديد منهم – من خلال عائلاتهم – مازالوا على قيد الحياة حتى الآن.

 الآلاف من الأتراك كانوا يتحدثون بحرية- على الأقل قبل حكم السلطان أردوغان بعد الانقلاب – ، وإن في مجالسهم الخاصة، عن أسلافهم. لقد عرفوا أنه في خضم الذبح الجماعي والاغتصاب للأرمن، سعت العديد من العائلات المسيحية إلى اللجوء إلى الإسلام، في حين أن عشرات الآلاف من النساء الأرمن الشابات سلموا للزواج من الرجال المسلمين الأتراك أو الأكراد. وقد نشأ أطفالهم كمسلمين واعتبروا أنفسهم أتراك، لكنهم غالبا ما كانوا يعرفون أنهم أنصاف أرمن. ووضع عشرات الآلاف من الأيتام الأرمن في مدارس المسلمين، وأجبروا على التحدث باللغة التركية وتغيير أسمائهم. وإحدى أكبر مدارسهم كانت في بيروت، نظمت لفترة من قبل واحدة من أبرز النساء في تركيا التي كتبت تجربتها، و ماتت في وقت لاحق في أمريكا.

  الشتات الأرميني – وهو 11 مليون أرمني يعيشون خارج تركيا وحتى أرمينيا نفسها، والذين يرجعون أسلافهم إلى الناجين من الإبادة الجماعية لعام 1915 – هم أول من فهم أهمية سجلات السكان التي كشفت حديثا، عند ملاحظة بأن بعض المعلومات تعود بتاريخها إلى أوائل الـ 1800. وأفادت التقارير أن ما يصل إلى أربعة ملايين مواطن تركي قد سعى للحصول على شجرة العائلة في غضون 48 ساعة – وهذا هو السبب في تحطم النظام. وفقا للإحصائي المتقاعد والديمغرافي الأرمني جورج أغغجايان، ثمانية ملايين من الأتراك طلب الوصول إلى نسبهم. وهذا يمثل 10 في المائة من مجموع السكان الأتراك.

يمكن أن تكون الوثائق غامضة. وهي ليست كاملة. وهناك أمثلة لأسلاف أرمن معروفين على أنهم مسلمون دون الإشارة إلى أصلهم.خلال الإبادة الجماعية عام 1915 تحولت أسماؤهم إلى أسماء لمسلمين – ولكن أسماء الوالدين وهي أسماء مسيحية تظهر أيضا. سيكون هناك دائما تناقضات وتفاصيل غير معروفة. فالعديد من أمناء السجلات العثمانية لم يقدموا تفاصيل دقيقة عن الولادات المسؤولون الأتراك قد يسافرون إلى قرية مرة كل شهر، ويسجلون المواليد الجدد ببساطة بنفس تاريخ الزيارة. ولا يزال هناك العديد ممن تجاوزوا المئة ممن العمر وهم على قيد الحياة في لبنان وسوريا، -على سبيل المثال- وجميعهم لديهم نفس تاريخ الميلاد، أيا كان أصلهم.

  لماذا أصدرت تركيا هذه الملفات الآن؟ اردوغان اشتكى مرة واحدة من أن الأتراك “متهمون بانهم يهود أو ارمن أو يونانيين“. تيفون أطاي، وهو محرر عمود في صحيفة “جمهوريت” التركية، كتب أنه “نُصحت بطريقة ودية بعدم الاعتراف بأنني جورجي … ماذا عن أولئك الذين يخاطرون بمعرفة أنهم من أصل أرمني أو تحول؟ يكفي أن تفكر: كنت تعتقد أنك تركي بدماء حمراء ولكن تحولت إلى أن تكون أرمنيا نقي الدم.

  الصحفي سردار كوروكو لـ “المونيتور” صرح: “لو فعلوا ذلك قبل بضع سنوات عندما كنا [أكثر تسامحا]،  فإن نظريات المؤامرة ما كانت لتكون قوية كما اليوم، حيث تعتقد الدولة أننا في صراع من أجل الوجود. هذه هي الطريقة التي تعيد بها تركيا تنشيط روح حرب الاستقلال “- لتلهم الوطنية والتفكير المؤيد للحكومة.

 في عام 2003، أفادت الصحيفة الأرمنية أغوس، التي اغتيل رئيس تحريرها هرانت دينك خارج مكتبه في عام 2007، أن الحكومة التركية كانت تقوم بترميز الأقليات سرا في السجلات: وفقا للصحيفة الإغريق بالرقم واحد،  وكان الأرمن اثنين أما اليهود فثلاثة. وذكر كوروكو كيف هدد مدير الجمعية التاريخية التركية الأقليات في عام 2007. “لا تغضبوني. لدي قائمة بالمتحولين يمكنني الكشف عنها. “ هذا المدير أصبح في وقت لاحق سياسي في حزب العمل القومي اليميني.

 وقد كتب الكاتب  من أصل الأرمني هايكو باغدات  قصة رواها لموقع “المونيتور”  عن حكاية عائلية فردية قد تكون مضحكة إن لم تكن مليئة بالمأساة. “خلال فترة الإبادة الجماعية عام 1915، إلى جانب التحولات الجماعية كان هناك أيضا الآلاف من الأطفال في المنفى … المجتمع ليس مستعدا للتعامل مع هذا الواقع” وأردف باغدات “تخيل، أن لطفي دوغان، الذي شغل منصب مدير تركيا للشؤون الدينية كان شقيق البطريرك الأرمني، سينوزك كالوستيان”.

 “كالوستيان، الذي عاد إلى تركيا من بيروت في عام 1961، ويذكر بوصفه قديسا في بطريركية الأرمن في  تركيا وقد خدم في أصعب الأوقات بعد عام 1915.. أثناء الإبادة الجماعية، أرسلت والدته الأطفال بعيدا وتحولت إلى مسلمة. في وقت لاحق تزوجت [رجل يدعى] دوغان، الذي كان في مكانة اجتماعية عالية، وانجبوا فتاتين وصبي.  الصبي كان لطفي دوغان. عندما توفيت الأم التي كانت آنذاك مع حزب العمل الوطني، جاء خاله الكاهن من بيروت لحضور الجنازة. لا أحد استطاع أن يقول شيئا”.

 تم نقل هذا المأزق ببلاغة في مذكرات جدة فتحية تشيتين ،و هي ربة منزل مسلمة محترمة في بلدة مادن التركية الصغيرة، والتي كشفت لحفيدتها أنها أرمنية. قالت سهر (اسمها الأرمني الحقيقي هي هيرانوس) أن معظم الرجال في قريتها قد ذبحوا وقد تبناها درك تركي.”فقدت هيرانوس عائلتها بأكملها ولم ترها مرة أخرى“. “أعطيت اسما جديدا، للعيش في أسرة جديدة. لقد نسيت لغتها الأم ودينها … لم تنسى أبدا اسمها وقريتها ووالدتها ووالدها … عاشت حتى سن 95″.  “الأقارب في أمريكا قرأوا النعوة وشقيقة هيرانوس – ما زالت حية -إتصلت بتشيتين في إسطنبول. العائلة تم لم شملها.

ولعل مليونين من الأتراك جداتهم من الأرمن. ولكن من المفترض أن يعتقدوا أن الإبادة الجماعية لم تحدث أبدا.

شاهد أيضاً

أذربيجان تشن هجموم من الجزء الشمالي الشرقي من أرمينيا والجيش الأرميني يتصدى ويرد العدوان.

يريفان في 28 يوليو/أرمنبريس: قالت وزارة الدفاع الأرمينية في بيان إن الوحدات العسكرية الأذربيجانية التي هاجمت …

إلهام علييف يكرر أطروحته الزائفة بأن زانكيزور تنتمي لأذربيجان.

 مرة أخرى يتحدث إلهام علييف على التلفزيون الحكومي الأذربيجاني عن قصة قد تخيلها حيث كرر …