بعد إلحاح سفير الأمريكي لدى الدولة العثمانية هينري مورغنتاو في عام 1915 لمساعدة الملايين من الفقراء في الشرق الأوسط وبجهود مجموعة من الأميركيين البارزين تأسست الجنة الأمريكية لإغاثة الشرق الأقصى، الذي يهدف إلى “تقديم المساعدات الإنسانية للضحايا والمحتاجين في منطقة الشرق الأوسط والمناطق المحيطة بها، ودعمهم للعودة إلى الوطن وإعادة التوطين والترميم، كما كان يهدف إلى رعاية الأيتام والأرامل … “. ومن أجل تنظيم وجمع التبرعات، بدأ أعضاء لجنة الإغاثة نشاط انتشر على نطاق واسع .
في نهاية الحرب العالمية الأولى أدت الظروف إلى زيادة فعالية جمع التبرعات خاصة بعد فهم المجتمعات مأساة الشرق الأوسط بشكل أفضل من خلال الصور والأفلام. وباستخدام التأثير الحسي للصورة وإدراكا بتأثير الصور على فهم مصاعب اللاجئين والأيتام الأرمن في المجتمع قاموا بتنظيم معارض لتلك الصور والأفلام الوثائقية.
تم إرسال موظفين إداريين ومصورين ومخرجين إلى الشرق الأوسط لتصوير أفلام مماثلة وفي عام 1921 وصلت السيدة فلورنس سبنسر مع لجنة التصوير التابعة للجنة الإغاثة إلى القسطنطينية، وهي من مؤسسي اللجنة ومهتمة كثيرا باللاجئين الأرمن والأيتام وتشغل في الوقت نفسه منصب أمين سر منظمة النساء للشرق الأقصى للإغاثة فنقلت عن مصير الأيتام الأرمن واليونانيين واللاجئين إلى صحف “New York Times” و”Woman Citizen “. وكان هدف لجنة التصوير إنشاء فيلم صامت عن أنشطة جمعية الإغاثة في الشرق الأوسط. إلى جانب كتاب “أليسيا في بلاد العجائب” للويز كارول كانت هناك حاجة لتصوير فيلم تعليمي للأطفال بعنوان “أليسيا في بلاد الجائعين”، والتي قدمت الأيتام في الشرق الأوسط.
قصة درامية لطفل واحد له تأثير أكبر بكثير من قصة شعب كامل من المهجرين والمشردين. ففي إحدى الزيارات إلى دور الأيتام، لفت انتباه السيدة دوريي فتاة تدعى إستير، تبلغ من العمر ثماني سنوات. وهي التي تم اختيارها فيما بعد للعب الدور الرئيسي في الفيلم. إستير رايسون من مواليد 1912 لعائلة يهودية في القسطنطينية. توفي والدا إستير خلال الحرب العالمية الأولى، وتوفي شقيقاتها الخمسة بسبب المرض وسوء التغذية.
جسدت إستير دور فتاة أمريكية “أليسا” تبلغ من العمر ثماني سنوات كان والدها من لجنة الإغاثة في الشرق الأوسط وقد أرسل إلى الشرق الأوسط لتقديم الأغذية الأمريكية والملابس للأيتام في الشرق الأوسط بعد سفر الأب إلى الشرق الأوسط لحقت به أليسا ووجدته في القسطنطينية، حيث سافروا معا إلى ميناء باتومي على البحر الأسود، تبليسي، غيومري ويريفان. خلال هذه الفترة زارت أليسا دور الأيتام في الشرق الأوسط، حيث الأيتام الأرمن يتعلمون الأغاني والرقصات الوطنية الأرمنية، كما رأت الأيتام كيف ينتظرون دورهم للحصول على غذائهم.
يتضمن الفيلم مشاهد حقيقية من دور الأيتام في الشرق الأوسط, وهو يقدم ما يجب أن يتم تقديمه للمجتمع الأمريكي من شرح أوضح لوضع الأيتام “لا مأوى لهم، يتضورون جوعا في الشوارع، وغالبا ما ينامون بجانب الكلاب ” في تناقض لما تقدمه اللجنة الحكومية بأن ” الأيتام أصحاء، أنيقين، ومبتهجين“.
عرض الفيلم المؤلف من ثلاثة أجزاء لأول مرة في 29 نوفمبر 1921 ، في نادي ييل في مدينة نيويورك وقد حقق نجاحا كبيرا وخاصة بين الأطفال, وفي بعض المدن الأمريكية، قدم الأطفال الحليب بدلا من التذكرة إلى مكاتب اللجنة. في يناير 1922، في وايت بلنس في نيويورك فقط، جمع الكشافة أكثر من 5000 علبة حليب للأطفال لإرسالهم إلى الشرق الأوسط. أما في بعض المدن، فقد وزعت تذاكر مدرسية مجانية لتلاميذ المدارس، مما ساهم في زيادة الوعي بين الأطفال.
بعد تصوير الفيلم، تبنت السيدة دوري لإستير التي ذهبت معها إلى نيويورك. ونُشرت مقالات كثيرة عن مصير إستر في صحف The New Near East وThe New York Times. بعد انتقال السيدة دوري إلى الولايات المتحدة مع استير، واصلت أنشطتها المؤيدة للأرمن. سافروا معا إلى مقاطعات مختلفة من الولايات المتحدة للمشاركة في عرض الفيلم ولقاء الجمهور وتقديم حالة يتامى الشرق.
وتم تنظيم معارض شرقية حيث يبيع فيها اليتامى والمهجرين أعمالهم اليدوية، في عام 1931 جمعوا أكثر من 000 100 دولار من بيع تلك الأشغال. كامل عائدات من عرض فيلم “أليسيا في بلاد الجائعين” وجهت إلى أكثر من 130000 شخص لإبقائهم على قيد الحياة.
للأسف، لم يتم العثور على أي جزء من الفيلم بعد حوالي قرن من عرضه.
في عام 2010، منحت Near East Foundation إستير رايسون وسام الشرف للعمل الذي قامت بها لأيتام الشرق الأوسط. توفت إستير رايسون في 15 نوفمبر 2015، في سن 103 في مدينة بويت الأمريكية.
القضية قضية الشعب الأرمني
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.